أمانة من نوع آخر !!
أعاد حاج ماليزي حجرا صغيرا من بقايا الحصى التي رمى بها الجمرات أثناء وجوده لأداء الفريضة ،
حيث اكتشف بعد وصوله وطنه وجود هذا الحجر في حقيبته فأصرَّ على إعادته مرة أخرى إلى مزدلفة ،
فقام بجلب علبة زجاج صغيرة ذات قيمة ونظَّف الحجر وعطَّره ووضعه داخل العلبة ثم كتب رسالة إلى مدير بريد العاصمة المقدسة وأرفقها بمبلغ 10 ريالات طلب فيها من مدير البريد أن يدفعها لسائق سيارة أجرة لإعادة الحجر إلى مكانه .
وقام مدير بريد العاصمة المقدسة عبدالمحسن بن سلمي الردادي شخصيا بإيصال الأمانة «الحجر» إلى مزدلفة وكتب رسالة لذلك الحاج وأعاد إليه الريالات العشرة ومعها مصحف ومسبحة .
وتبيَّن أن الحاج كان مهتما بالحجر لدرجة أنه وضعه داخل زجاج ثمين بعد أن قام بتنظيفه من الأتربة ومسحه بعطر ذي رائحة زكية .
تعليق
بصراحة أستغربت من تصرف الرجل الماليزي وقلت أكيد فيها .. إن !
وعلى طول بحثنا في قوقل !!!!!!!
وأتضح لنا الأتي :
1_ رأي الإمام أَبي حَنِيفَةَ رحمه الله :
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
(لَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحِجَارَتِهِ إلَى الْحِلِّ وَبِهِ يَأْخُذُ) ،
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ : (وَسَمِعْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمَا كَرِهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحِجَارَتِهِ إلَى الْحِلِّ شَيْئًا) ،
2_ رأي الإمام الشافعي رحمه الله :
وَحَدَّثَنَا شَيْخٌ عَنْ رَزِينٍ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يُبْعَثَ إلَيْهِ بِقِطْعَةٍ مِنْ الْمَرْوَةِ يَتَّخِذُهَا مُصَلًّى يَسْجُدُ عَلَيْهِ ،
قَالَ الشَّافِعِيُّ : (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا خَيْرَ فِي أَنْ يَخْرُجَ مِنْ حِجَارَةِ الْحَرَمِ وَلَا تُرَابِهِ شَيْءٌ إلَى الْحِلِّ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً ثَبَتَتْ بَايَنَ بِهَا مَا سِوَاهَا مِنْ الْبُلْدَانِ وَلَا أَرَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ جَائِزًا لِأَحَدٍ أَنْ يُزِيلَهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَايَنَ بِهِ الْبُلْدَانَ إلَى أَنْ يَصِيرَ كَغَيْرِهِ) ،
قَالَ الشَّافِعِيُّ : (وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَزْرَقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ :
قَدِمْت مَعَ أُمِّي أَوْ قَالَ جَدَّتِي مَكَّةَ فَأَتَتْهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ فَأَكْرَمَتْهَا وَفَعَلْت بِهَا ،
فَقَالَتْ صَفِيَّةُ : مَا أَدْرَى مَا أُكَافِئُهَا بِهِ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهَا بِقِطْعَةٍ مِنْ الرُّكْنِ فَخَرَجَتْ بِهَا فَنَزَلْنَا أَوَّلَ مَنْزِلٍ فَذُكِرَ مِنْ مَرَضِهِمْ وَعِلَّتِهِمْ جَمِيعًا ،
قَالَ : فَقَالَتْ أُمِّي أَوْ جَدَّتِي مَا أَرَانَا أَتَيْنَا إلَّا أَنَّا أَخْرَجْنَا هَذِهِ الْقِطْعَةَ مِنْ الْحَرَمِ ،
فَقَالَتْ لِي : وَكُنْت أُمَثِّلُهُمْ انْطَلِقْ بِهَذِهِ الْقِطْعَةِ إلَى صَفِيَّةَ فَرَدَّهَا وَقُلْ لَهَا إنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا وَضَعَ فِي حَرَمِهِ شَيْئًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ ،
قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى فَقَالُوا لِي : فَمَا هُوَ إلَّا أَنْ تَجِينَا دُخُولُك الْحَرَمَ فَكَأَنَّمَا أُنْشِطْنَا مِنْ عَقْلٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَرَمِ شَيْءٌ إلَى غَيْرِهِ) .
3_ وقال ابن حزم رحمه الله :
(ولا يخرج شيء من تراب الحرم ولا حجارته إلى الحل)
4_ عن عطاء قال :
(يُكره أن يُخرج من تراب الحرم إلى الحل ، أو يدخل تراب الحل إلى الحرم)
5_ صرح الشافعية :
(بحرمة نقل تراب الحرم ، وأحجاره ، وما عمل من طينه - كالأباريق وغيرها - إلى الحل ، فيجب رده إلى الحرم)
6- من أخذ شيئا من تراب الحرم إلى خارجه فعليه أن يستغفر الله تعالى من فعله أولاً ، ثم عليه أن يرجعه إلى أي بقعة في الحرم إن استطاع ، ولا يجب أن يردَّه بنفسه ، بل لو أعطاه لمن يوثق به ليرده : جاز له ذلك فإن لم يستطع هذا ولا ذاك : فيضعها في أي مكان طاهر ،
وقد قال تعالى : {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا
رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} البقرة / 286
7- وقال الماوردي رحمه الله :
(فإن أخرج من حجارة الحرم ، أو من ترابه شيئاً : فعليه ردُّه إلى موضعه ، وإعادته إلى الحرم)
يعني الماليزي رجع الحجر إرضاء لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
تعليق :
بغض النظر عن الحكم الشرعي للمسالة ..
العبرة في الموضوع هو أن ذلك الحاج كيف كان ممن يعظم شعائر الله ،
وكيف كانت تلك الفريضة وتأديتها على أكمل وجه تعني له !!
وكيف كان حرصه على أن لا يخدش أجره بذنب أو تقصير وإن لم يتقصده !!
وكيف كان سؤاله عن المسألة (وإن كانت في نظر الكثيرين تافهه) وعمله بمقتضى ما تعلمه !!
بهذه الروح يكون أثر الحج والصلاة وسائر العبادات على نفوسنا .... مختلف ،،،