بنك التعاملات والمشاعر
علي بن أحمد الشيخي
ما أحوجنا اليوم إلى التسامح والتواد والتعاطف والإيثار وكذا إلى الجدية في تعاملاتنا في الحياة ، وتلك صفات دعا إليها ديننا الحنيف وسادت بها أمة الإسلام في عصورها الغابرة ، وبالتالي تقهقرت أمتنا وسقطت إلى الحضيض في زماننا هذا بسبب بعدنا عن تلك الصفات المثالية ، وأحرى بنا كأولياء أمور ومعلمين أن نتبنى فكرة إنشاء بنوك في كل منزل ومدرسة بمسمى " بنك التعاملات والمشاعر " ، تقوم فكرة هذا البنك على تصنيف التعاملات الجادة والمشاعر الحسنة إلى ثلاثة مستويات ( عليا ووسطى ودنيا ) يقدر للعليا ثلاث درجات والوسطى درجتان والدنيا درجة واحدة ، ومن ثم نقوم بطباعة بطاقات ورقية أو قطع نحاسية مقاس (5 × 5 ) أو دائرية مثل قطع العملات النحاسية ، وتكون على ألوان مختلفة كالذهبي مثلاً للدرجة العليا والأخضر للدرجة الوسطى والأزرق للدرجة الدنيا ، ومن ثم تصنف التعاملات الجادة والمشاعر الحسنة إلى مستويات ثلاثة كالتالي :
1. عليا ذات الثلاث الدرجات كزيارة الأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات في المناسبات ، وعلى الصلاة في المسجد مع الجماعة بالنسبة للأبناء وبالنسبة للبنات الصلاة في أول الوقت وتضاعف الدرجة لصلاة الفجر، وكذا للمبادرة في أعمال المطبخ أو نظافة البيت ، والصلح بين أخوين اختلفا على أمر ما ، وعلى استيعاب معلومة وتحويلها إلى مهارة وسلوك.
2. والوسطى ذات الدرجتين تقدر مثلاً على مشاركة الجيران في المناسبات ومساعدة أحد الأخوة في المذاكرة أو حل واجب ومساعدة الأم في أعمال المطبخ وعلى حل الواجب بمفره دون مساعدة ، وكذا مساعدة الزميل في إخراج عمل كوسيلة أو مشاركة إذاعية أو مجلة حائطية مثلاً، وعلى الصدقة على فقير أو وضع ما تم توفيره من مبلغ فسحة المدرسة في صندوق الجمعية الخيرية المخصص بالمنزل ، أو دعوة زميل فقير لمشاركته في فسحة الإفطار.
3. أما الدنيا ذات الدرجة الواحدة فتقدر على الاتصال تلفونياً على الأقارب للسلام عليهم والتسامح مع الأخوة أو الزملاء أثناء اللعب وعلى الانتهاء من المذاكرة وحل الواجبات في وقت مبكر من اليوم .
وفي المقابل نعمل بطاقتين للتعاملات غير الجادة ولعدم التسامح مع الغير إحداهما باللون الأحمر مثلاً ويقدر لها درجتان والأخرى باللون الأصفر بدرجة واحدة ، ومن ثم تصنف التعاملات غير الجادة والمشاعر غير الحسنة إلى مستويين كالتالي:
1. عليا ذات الدرجتين وتقدر مثلاً على عدم زيارة الأقارب في المناسبات وعلى الاختلاف مع الأخوة وعلى اللعب قبل الانتهاء من المذاكرة ، أو للاعتداء على زميل بالضرب ، أو محاولة الوقيعة بين اثنين .
2. والدنيا ذات الدرجة الواحدة وتقدر على عدم الصلح بين الأخوة عند اختلافهم في حالة عدم وجود أحد الأبوين ، وعلى الانتهاء من المذاكرة وحل الواجبات في وقت متأخر من الليل وعلى النوم المتأخر.
ويكون تنفيذ هذه الفكرة على هيأة مسابقة بين الأولاد في المنزل أو في المدرسة وذلك بوضع صندوق له فتحة صغيرة من الأعلى مثل صندوق رسائل البريد وصندوق الاقتراحات بحيث يعطى الابن أو البنت البطاقة المناسبة بعد كتابة الاسم عليها ، ويمكن في البطاقات النحاسية استخدام قلم سبورة ليمكن استخدامها أكثر من مرة ، وفي نهاية كل شهر مثلاً نقوم بجمع نقاط التعاملات الجادة والمشاعر الحسنة ونطرح منها نقاط التعاملات غير الجادة وعدم التسامح ، فنخصص مكافآت للفائزين كتقديم جوائز عينية لهم ، ويمكن أن نجعلها نقدية وفق ما يقتضيه الحال وخاصة في المنازل عند الإحساس برغبة الأولاد في ذلك، وفي المدرسة يمكن الاحتفاظ بها كنقاط للطالب نتجاوز بها عن تأخره عن حل واجب في أحد الأيام أو عند التأخر عن حضور صف الصباح ، أو عدم إحضار اللبس الرياضي أو نسيان بعض الأدوات الخاصة كعلبة الهندسة أو الألوان أو ما شابه ذلك من الأدوات المدرسية ، ويمكن أن نعمل لوحة شرف للمثاليين توضع في المنازل في الصالة الداخلية التي لا يدخلها إلا الأقارب والأصدقاء الخاصين ، أما في المدارس فتوضع في أماكن بارزة للحث على التنافس.
وبهذه الفكرة نكون قد ساهمنا في تنشئة أبنائنا على الجدية في أعمالهم وعلى التخلق بالأخلاق الحسنة وقبول الغير ، وبالتالي نبعدهم عن الكسل وسوء الخلق ، كما نكون قد ساهمنا بإذن الله في إعداد جيل تسوده روح المحبة والتآلف والإخاء ، وسنسود العالم بتلك الأخلاق بإذن الله تعالى كما سادت أجيالنا السابقة.