اليوم نصل برحلتنا الى
عاشر المبشرون بالجنة وخاتمتهم
وهو صحابي جليل
قال عنه رسول الله
(( إن لكل أمة امينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ))
وقال عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه
إن أدركني أجلي وأبوعبيدة حي استخلفته . .
وقال أيضا أتمنى لو أن هذا الدار مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح ..
أنه أمين هذه الأمة
أبو عبيدة بن الجراح
أحد العشرة المبشرين بالجنة
من هو ؟
هو أبوعبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح الفهري يلتقي مع النبيفي أحد أجداده ( فهر بن مالك )
وأمة من بنات عم أبيه ... أسلمت وقتل أبوه كافرا يوم بدر ..
كان - رضي الله عنه - طويل القامة ، نحيف الجسم ، خفيف اللحية ..
أسلم على يد أبي بكر الصديق في الأيام الأولى للاسلام وهاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية ثم عاد ليشهد مع الرسولالمشاهد كلها ...
غزوة بدر
في غزوة بدر جعل أبو ( أبو عبيدة ) يتصدّى لأبي عبيدة ، فجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلمّا أكثر قصدَه فقتله ، فأنزل الله هذه الآية ..
قال تعالى :
"( لا تجدُ قوماً يؤمنون بالله واليومِ الآخر يُوادُّون مَنْ حادَّ الله ورسوله ولو كانوا آباءَ هُم أو أبناءَ هم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتبَ في قلوبهم الأيمان )" ...
غزوة أحد
يقول أبوبكر الصديق - رضي الله عنه - :
( لما كان يوم أحد ، ورمي الرسولحتى دخلت في وجنته حلقتان من المغفر ، أقبلت أسعى الى رسول اللهوانسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا ، فقلت : اللهم اجعله طاعة ، حتى اذا توافينا الى رسول اللهاذا هو أبوعبيدة بن الجراح قد سبقني ، فقال ( أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعها من وجه رسول الله - ) فتركته ، فأخذ أبوعبيدة بثنيته احدى حلقتي المغفر فنزعها وسقط على الأرض وسقطت ثنيته معه ، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى فسقطت ، فكان أبوعبيدة في الناس أثرم )
غزوة الخبط
أرسل النبيأبا عبيدة بن الجراح أميرا على ثلاثمائة وبضعة عشرة مقاتلا ، وليس معهم من الزاد سوى جراب تمر والسفر بعيد ، فاستقبل أبوعبيدة واجبه بغبطة وتفاني ، وراح يقطع الأرض مع جنوده وزاد كل واحد منهم حفنة تمر ، وعندما قل التمر أصبح زادهم تمرة واحدة في اليوم ، وعندما فرغ التمر راحوا يتصيدون ( الخبط ) أي ورق الشجرفيسحقونه ويسفونه ويشربون عليه الماء ، غير مبالين الا بانجاز المهمة لهذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط ..
معركة اليرموك
في أثناء قيادة خالد - رضي الله عنه - معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق -
رضي الله عنه - وتولى الخلافة بعده عمر - رضي الله عنه - ، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح
أمين هذه الأمة وعزل خالد وصل الخطاب الى أبى عبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة ، ثم أخبر خالدا بالأمرفسأله خالد :
( يرحمك الله أباعبيدة ، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟) ...
فأجاب أبوعبيدة :
( اني كرهت أن أكسر عليك حربك ، وما سلطان الدنيا نريد ، ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله أخوة )
وأصبح أبوعبيدة أمير الأمراء بالشام ..
مكانته .. أمين الامة
قدم أهل نجران على النبي وطلبوا منه ان يرسل اليهم واحدا ... فقال عليه الصلاة والسلام :
( لأبعثن - يعني عليكم - أمينا حق امين )
فتشوق أصحابه رضوان الله عليهم يريدون أن يبعثوا لا لأنهم يحبون الامارة أو يطمعون فيها ...
ولكن لينطبق عليهم وصف النبي " أمينا حق امين "
وكان عمر نفسه - رضي الله عليه - من الذين حرصوا على الامارة لهذا آنذاك ..
بل صار - كما قال يتراءى - أي يري نفسه للنبي حرصا منه رضي الله عنه أن يكون أمينا حق أمين ...
ولكن النبي تجاوز جميع الصحابة وقال :
( قم يا أباعبيدة )
كما كان لأبي عبيدة مكانة عالية عند عمر فقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو يجود بأنفاسه لو كان أبوعبيدة بن الجراح حيا لا ستخلفته فان سألني ربي عنه ، قلت : استخلفت أمين الله ، وأمين رسوله )
تواضعه
ترامى الى سمعه أحاديث الناس في الشام عنه ، وانبهارهم بأمير الأمراءفجمعهم وخطب فيهم قائلا :
( يا أيها الناس ، اني مسلم من قريش ، وما منكم من أحد أحمر ولا أسوديفضلني بتقوى الا وددت أني في اهابه !! )
وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه ، فقالوا له :
( من ؟ ) ... قال : ( أبوعبيدة بن الجراح ) ...
وأتى أبوعبيدةوعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه الى داره ، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا الا سيفه وترسه ورحله ، فسأله
عمر وهو يبتسم : ( ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس ؟ )
فأجاب أبوعبيدة : ( يا أمير المؤمنين ، هذا يبلغني المقيل ) ...
طاعون عمواس
حل الطاعون بعمواس وسمي فيما بعد " طاعون عمواس " وكان أبو عبيدة أمير الجند هناك ... فخشي عليه عمر من
الطاعون فكتب اليه يريد أن يخلصه منه قائلا :
( اذا وصلك خطابي في المساء فقد عزمت عليك ألا تصبح الا متوجها الي .. واذا وصلك في الصباح ألا تمسي الا
متوجها الي ... فان لي حاجة اليك )
وفهم أبوعبيدة المؤمن الذكي قصد عمر وانه يريد أن ينقذه من الطاعون ...
فكتب الى عمر متأدبا معتذرا عن عدم الحضور اليه وقال :
( لقد وصلني خطابك يا أمير المؤمنين وعرفت قصدك وانما أنا في جند من المسلمين يصيبني ما أصابهم ... فحللني من
عزمتك يا أمير المؤمنين )
ولما وصل الخطاب الى عمر بكى ... فسأله من حوله :
( هل مات أبوعبيدة ؟ ) ... فقال : ( كأن قد ) ... والمعنى أنه اذا لم يكن قد مات بعد والا فهو صائر الى الموت لا
محالة ... اذ لا خلاص منه مع الطاعون ...
كان أبو عبيدة - رضي الله عنه - في ستة وثلاثين ألفاً من الجُند ،فلم يبق إلاّ ستة آلاف رجل والآخرون ماتوا ...
مات أبوعبيدة - رضي الله عنه - سنة ( 18) ثماني عشرة للهجرة في طاعون عمواس ...
وقبره في غور الأردن ... رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى ...
يتبع