أبى بن كعب
رضي الله عنه
سيد المسلمين
" ليُهْنِكَ العِلْمُ أبا المنذر "
حديث شريف
من هو ؟
أبي بن كعب بن قيس بن عُبيد النجّار - أبو منذر - الأنصاري الخزرجي
كان قبل الإسلام حَبْراً من أحْبار اليهود ، مطلعاً على الكتب القديمة ولمّا
أسلم كان في كتاب الوحي ، شهد العقبة و بدرا وبقية المشاهد وجمع
القرآن في حياة الرسول وكان رأساً في العلم
وبلغ في المسلمين الأوائل منزلة رفيعة ، حتى قال عنه عمر بن الخطاب
( أبي سيد المسلمين )
كتابة الوحى
كان أبي بن كعب في مقدمة الذين يكتبون الوحي ويكتبون الرسائل ، وكان في حفظه القرآن وترتيله وفهم أياته من المتفوقين ، قال له رسول الله ( يا أبي بن كعب ، اني أمرت أن أعرض عليك القرآن ) .. وأبي يعلم أن رسول الله انما يتلقى أوامره من الوحي هنالك سأل الرسول الكريم في نشوة غامرة ( يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، وهل ذكرت لك باسمي ؟ ) .. فأجاب الرسول ( نعم ، باسمك ونسبك في الملأ الأعلى ) .. كما قال الرسول ( أقرأ أمتي أبَيّ ) ..
علمه
سأله النبي يوما ( يا أبا المنذر ، أي أية من كتاب الله أعظم ؟) .. فأجاب قائلا ( الله ورسوله أعلم ) .. وأعاد النبي سؤاله ( يا أبا المنذر ، أي أية من كتاب الله أعظم ؟) .. وأجاب أبي ( الله لا اله الا هو الحي القيوم ) .. فضرب الرسول صدره بيده ، وقال له والغبطة تتألق على محياه ( ليُهْنِكَ العلم أبا منذر ) ..
وعن أبي بن كعب أن رسول الله صلّى بالناس ، فترك آية فقال ( أيُّكم أخذ عليّ شيئاً من قراءتي ؟) .. فقال أبيُّ ( أنا يا رسول الله ، تركتَ آية كذا وكذا ) .. فقال النبي ( قد علمتُ إنْ كان أحدٌ أخذها عليّ فإنّكَ أنت هو ) ..
وقال أبي بن كعب لعمر بن الخطاب ( يا أمير المؤمنين إني تلقيتُ القرآن ممن تلقّاه من جبريل وهو رطب ) ..
زهده
وعن جُندب بن عبد الله البجلي قال أتيت المدينة ابتغاء العلم ، فدخلت مسجد رسول الله فإذا الناس فيه حَلَقٌ يتحدّثون ، فجعلت أمضي الحَلَقَ حتى أتيتُ حلقةً فيها رجل شاحبٌ عليه ثوبان كأنّما قدم من سفر .. فسمعته يقول ( هلك أصحاب العُقدة ورب الكعبة ، ولا آسى عليهم ) .. أحسبه قال مراراً .. فجلست إليه فتحدّث بما قُضيَ له ثم قام ، فسألت عنه بعدما قام قلت ( من هذا ؟) .. قالوا ( هذا سيد المسلمين أبي بن كعب ) .. فتبعته حتى أتى منزله ، فإذا هو رثُّ المنزل رثُّ الهيئة ، فإذا هو رجل زاهد منقطعٌ يشبه أمره بعضه بعضاً ..
ورعه وتقواه
قال أبي بن كعب ( يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك ، فكم أجعل لك في صلاتي ؟) .. قال ( ما شئت ، وإن زدت فهو خيرٌ ) .. قال ( الرُّبع ؟) .. قال ( ما شئت ، وإن زدت فهو خيرٌ ) .. قال ( أجعلُ النصف ؟) .. قال ( ما شئت ، وإن زدت فهو خيرٌ ) .. قال ( الثلثين ؟) .. قال ( ما شئت ، وإن زدت فهو خيرٌ ) .. قال ( اجعل لك صلاتي كلّها ؟) .. قال ( إذاً تُكفى همَّك ويُغفَر ذنبُك ) ..
وبعد انتقال الرسولالى الرفيق الأعلى ، ظل أبي على عهده في عبادته وقوة دينه ، وكان دوما يذكر المسلمين بأيام الرسول ويقول ( لقد كنا مع الرسول ووجوهنا واحدة ، فلما فارقنا اختلفت وجوهنا يمينا وشمالا ) .. وعن الدنيا يتحدث ويقول ( ان طعام ابن آدم ، قد ضرب للدنيا مثلا ، فان ملحه وقذحه فانظر الى ماذا يصير ؟) .. وحين اتسعت الدولة الاسلامية ورأى المسلمين يجاملون ولاتهم ، أرسل كلماته المنذرة ( هلكوا ورب الكعبة ، هلكوا وأهلكوا ، أما اني لا آسى عليهم ، ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين ) .. وكان أكثر ما يخشاه هو أن يأتي على المسلمين يوما يصير بأس أبنائهم بينهم شديد ..
وقعة الجابية
شهد أبي بن كعب مع عمر بن الخطاب وقعة الجابية ، وقد خطب عمر بالجابية فقال ( أيها الناس من كان يريد أن يسأل عن القرآن فليأتِ أبيَّ بن كعب ) ..
الدعوة المجابة
عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال قال عمر بن الخطاب ( اخرجوا بنا إلى أرض قومنا ) .. قال فخرجنا فكنت أنا وأبي بن كعب في مؤخَّر الناس ، فهاجت سحابة ، فقال أبيُّ ( اللهم اصرف عنّا أذاها ) .. فلحقناهم وقد ابتلّت رحالهم ، فقال عمر ( أمَا أصابكم الذي أصابنا ؟) .. قلت ( إن أبا المنذر دعا الله عزّ وجلّ أن يصرف عنّا أذاها ) .. فقال عمر ( ألا دعوتُمْ لنا معكم ؟!) ..
الوصية
قال رجلٌ لأبي بن كعب ( أوصني يا أبا المنذر ) .. قال ( لا تعترض فيما لا يعنيك ، واعتزل عدوَّك ، واحترس من صديقك ، ولا تغبطنَّ حيّاً إلا بما تغبطه به ميتاً ، ولا تطلب حاجةً إلى مَنْ لا يُبالي ألا يقضيها لك ) ..
مرضه
عن عبد الله بن أبي نُصير قال عُدْنا أبي بن كعب في مرضه ، فسمع المنادي بالأذان فقال ( الإقامة هذه أو الأذان ؟) .. قلنا ( الإقامة ) .. فقال ( ما تنتظرون ؟ ألا تنهضون إلى الصلاة ؟) .. فقلنا ( ما بنا إلا مكانك ) .. قال ( فلا تفعلوا قوموا ، إن رسول الله صلى بنا صلاة الفجر ، فلمّا سلّم أقبل على القوم بوجهه فقال ( أشاهدٌ فلان ؟ أشاهدٌ فلان ؟) .. حتى دعا بثلاثة كلهم في منازلهم لم يحضروا الصلاة فقال ( إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر والعشاء ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْواً ، واعلم أنّ صلاتك مع رجلٍ أفضل من صلاتك وحدك ، وإن صلاتك مع رجلين أفضل من صلاتك مع رجل ، وما أكثرتم فو أحب إلى الله ، وإن الصفّ المقدم على مثل صف الملائكة ، ولو يعلمون فضيلته لابتدروه ، ألا وإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الرجل وحدَه أربعاً وعشرين أو خمساً وعشرين ) ..
قال الرسول ( ما مِنْ شيءٍ يصيب المؤمن في جسده إلا كفَّر الله عنه به من الذنوب ) .. فقال أبي بن كعب ( اللهم إنّي أسألك أن لا تزال الحُمّى مُضارِعةً لجسدِ أبيٌ بن كعب حتى يلقاك ، لايمنعه من صيام ولا صلاة ولا حجّ ولا عُمرة ولا جهاد في سبيلك ) .. فارتكبته الحمى فلما تفارقه حتى مات ، وكان في ذلك يشهد الصلوات ويصوم ويحج ويعتمر ويغزو ..
وفاته
توفي - رضي الله عنه - سنة ( 30ه ) ، يقول عُتيّ السعديّ قدمت المدينة في يوم ريحٍ وغُبْرةٍ ، وإذا الناس يموج بعضهم في بعض ، فقلت ( ما لي أرى الناس يموج بعضهم في بعض ؟) .. فقالوا ( أما أنت من أهل هذا البلد ؟) .. قلت ( لا ) .. قالوا ( مات اليوم سيد المسلمين ، أبيّ بن كعب ) ..
يتبع